قبل أيام قليلة من الاحتفال بالذكرى الـ 36 لحرب الكتوبر المجيدة، اعترف المؤرخ العسكرى الإسرائيلى المعروف أورى ميلشتاين بان انتصار الجيش المصري فى حرب السادس من اكتوبر عام 1973 كان بجدارة، مؤكداً أن سلاح الجو الإسرائيلى كاد يتعرض للتدمير أثناء الحرب، بسبب صواريخ "سام 6" التى استخدمها الجيش المصرى.
ووصف ميلشتاين ثغرة الدفرسوار بأنها كانت "خطوة عسكرية استعراضية" لم تغير من نتيجة الهزيمة الإسرائيلية، كما أنها لم تقلل شيئاً من الانتصار المصرى، مشيراً إلى أن الجيش المصرى حقق أهدافه من وراء الحرب، ونجح فى عبور القناة، ونشر قواته داخل سيناء.
وتوقع المؤرخ الإسرائيلى، فى حوار مطول لإذاعة "أورشليم" الجديدة، بمناسبة ذكرى أكتوبر، نشرته اليوم الخميس جريدة "المصري اليوم"، إن إسرائيل لن تصمد فى مواجهة مصر إذا اندلعت حرب جديدة، خاصة أن الحرب المقبلة لن تدور فى الميادين العسكرية فقط، بل قد تلجأ مصر لقصف العمق الإسرائيلى بالصواريخ المتطورة، بما يهدد بإصابات بالغة فى صفوف المدنيين، قد تؤدى إلى انهيار إسرائيل، مشيراً إلى أن ثقافة الشارع الإسرائيلى تقوم على الصراخ والبكاء، ولا يتحمل الإسرائيليون مواجهة مقاتلين يتحلون بالعناد والشراسة أثناء القتال.
واتهم المؤرخ العسكرى الجيش الإسرائيلى برفض الاعتراف بالهزيمة، والإصرار على عدم الكشف عن جميع الوثائق المتعلقة بهذه الحرب، وقد أدى إخفاء هذه الوثائق إلى منع إسرائيل من فرصة استيعاب جميع الدروس المستفادة من الحرب رغم مرور 36 عاماً على الهزيمة التى يعرف الإسرائيليون عنها القليل جداً.
وقال ميلشتاين إن سلاح الجو الإسرائيلى لم تكن لديه القدرة على تحييد الصواريخ الدفاعية المصرية، وكان سيتعرض لضربة قاصمة لو نفذ ضربة استباقية للقوات المصرية، كما أن عملية الدفرسوار كانت مجرد خطوة معنوية، وتكشف عن خطة سيئة عسكرياً، ولم يكن لها أى جدوى، والادعاء بأنها دليل على الانتصار "كذب وتلفيق".
وكشف المؤرخ الإسرائيلى أن موشى ديان جمع الصحفيين فى اليوم الثالث للحرب، ليعترف بالهزيمة وبسقوط خط بارليف، لكن جولدا مائير ورؤساء التحرير حجبوا ذلك عن الرأى العام.
تعتبر حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث كانت حربا لاسترداد شبه جزيرة سيناء والجولان السورية التي سبق أن احتلتهما إسرائيل عام 1967 ، والمحصلة النهائية لهذه الحرب المجيدة كانت تدمير خط بارليف وعبور قناة السويس واسترداد أجزاء منها ومن ثم استراد سيناء كاملة.
واندلعت الحرب عندما قام الجيشان المصري والسوري بهجوم خاطف على قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي كانت منتصبة في شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان ، وهي المناطق التي احتلها الجيش الإسرائيلي من مصر وسوريا في حرب 1967.
وكانت إسرائيل قد أمضت السنوات الست التي تلت حرب يونيو/حزيران في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ ضخمة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان وفي قناة السويس، فيما عرف بخط بارليف والذي إقترحه ( حاييم بارليف ) رئيس الاركان الإسرائيلي من أجل تامين إسرائيل.
وخط بارليف هذا كان يعتبر آنذاك أقوى خط دفاعى في التاريخ الحديث، حيث كان يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على إمتداد الضفة الشرقية للقناة، وكان يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية ، بطول 170 كم على طول قناة السويس.
في يوم 6 أكتوبر الذي وافق عيد الغفران اليهودي، قامت مصر وسورية بهجوم موحد مفاجئ بهدف استرداد الأرض التي احتلتها إسرائيل بالقوة، حيث هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس و في عمق شبه جزيرة .
وافتتحت مصر حرب 1973 بضربة جوية عبر مطار بلبيس الجوي الحربي(يقع في محافظة الشرقية - حوالي 60 كم شمال شرق القاهرة) وتشكلت من نحو 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة في وقت واحد في تمام الساعة الثانية بعد الظهر على ارتفاع منخفض للغاية.
وقد إستهدفت محطات الشوشرة والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
على الجبهة السورية وبنفس التوقيت شنت الطائرات السورية هجوما كبيرا على المواقع والتحصينات الإسرائيلية في عمق الجولان وهاجمت التجمعات العسكرية والدبابات ومرابض المدفعية الإسرائيلية ومحطات الرادارات وخطوط الإمداد وحقق الجيش السوري نجاحا كبيرا وحسب الخطة المعدة بحيث انكشفت أرض المعركة امام القوات والدبابات السورية التي تقدمت عدة كيلو مترات في اليوم الأول من الحرب مما اربك وشتت الجيش الإسرائيلي الذي كان يتلقى الضربات في كل مكان من الجولان.</FONT>